قصة سوريا (الجزء الأول) - دموع في القاهرة، ذكريات حلب

بدأت تجربتي الأولى في سوريا خلال رحلة عمل إلى مصر عام ٢٠١٤. سألني مديري: "هل أنت مستعد للذهاب إلى مصر بمفردك؟" وافقت دون تردد تقريبًا. كانت فرصة ذهبية لزيارة هذا البلد العريق الذي لم أقرأ عنه إلا في كتب الجغرافيا.
انضممتُ إلى مجموعة المعرض وسافرتُ إلى القاهرة. أصرَّ عميلٌ يُدعى "ح"، رجلٌ ملتحٍ في مثل عمري، على لقائي عندما علم بحضوري. لكن هذا اللقاء بدا أشبه بـ"مواجهة".

مفاوضات متوترة مع "ضيف غير مرغوب فيه"

كانت المشكلة أننا لم نشرح له، عميلنا المحلي الحالي، نموذج تعاوننا قبل المشاركة في المعرض. اعتبرني "ضيفًا غير مرغوب فيه". أراد مشاركة جناحه والتواصل مع العملاء المحليين بنفسه. إلا أن حجم مشترياته آنذاك لم يكن كافيًا لتغطية تكاليف وكالة حصرية، فاضطررت لرفض عرضه.
كان الجو متوترًا، وكان واضحًا عليه عدم السعادة. لحسن الحظ، كان شخصًا طيب القلب. بعد الاجتماع، دعاني لتناول العشاء، بل وأحضر معه أخاه الأصغر.

وجبة، مدينة تركت خلفها

على مائدة العشاء، أخرج قائمة الطعام، وقدّم لي الأطباق واحدًا تلو الآخر، بلغة إنجليزية ركيكة. حينها فقط أدركتُ أنه ليس مصريًا. كان لاجئًا من حلب، سوريا، اضطر للفرار إلى مصر بسبب الحرب.
عندما التفت إلى الصفحة التي تُعرّف بحلب، أشار إلى صورة للمدينة في مجدها السابق، "أجمل وأكبر مدينة في سوريا". امتلأت عيناه بمزيج من الفخر والحب والأسى. وبدأت الدموع تتدفق.
  • قال: "كان هنا الكثير من المباني القديمة الجميلة. أتمنى لو أستطيع أن آخذكم إلى مدينتي الأصلية وأريكم كل واحدة منها. لكن الآن، اختفت جميعها. لا يسعني إلا أن أدعوكم لبعض أطباقي."

حلب

 

تفحص قائمة الطعام طبقًا تلو الآخر، كما لو كان كل طبق منها طبقًا شهيًا. كان الرجل الذي أمامي مختلفًا تمامًا عن المفاوض العدواني في قاعة الاجتماعات. حتى يومنا هذا، ما زلت أتذكر بوضوح ما قاله:
  • "أتمنى أن أتمكن في حياتي من العودة إلى بلدي وإعادة بنائه."
بعد تلك الوجبة، تأثرتُ بشدة بقصته. عدتُ إلى الفندق، فبحثتُ فورًا عن معلومات عن سوريا. كانت الصور على الشاشة مُدمّرة - عائلات مُشتّتة، ومنازل مُدمّرة. ما الذي تُقدّمه الحرب حقًا للبشرية؟ في النهاية، إنها استغلال الأقوياء للضعفاء لمصالحهم الخاصة. كانت هذه بداية فهمي لسوريا. في النهاية، أتمنى عالمًا خاليًا من الحرب، وأدعو أن ينعم السلام في سوريا وغزة. 

مطعم كاريو

جلسة استماع حول المبيعات: كيفية التعايش مع العملاء المحليين الحاليين

لقد علمتني هذه التجربة أيضًا درسًا قيمًا: تواصل دائمًا مع العملاء المحليين الحاليين قبل زيارة السوق. إذا أُسيئت إدارة رحلة عمل تهدف إلى زيادة الطلبات، فقد تُصبح عدوًا. عند مواجهة مقاومة من عميل محلي، أقترح ما يلي:
  1. استخدم البيانات لرسم صورة أكبر: قارن حجم السوق الإجمالي للبلد بحجم مشتريات العميل الحالية. هذا يساعده على رؤية إمكانات النمو الهائلة. يكمن السر في إقناعه بأنك موجود "لتنمية السوق معًا"، وليس "لاستغلال أراضيه". بالنسبة للدول التي لا تتحدث لغتها، غالبًا ما تكون الشراكة مع وكيل محلي استراتيجية رابحة للطرفين.
  2. إظهار إمكانات النمو المتبادلاستخدم بيانات الاستيراد من عملاء آخرين ذوي صلة لإثبات أن السوق لم يصل بعد إلى مرحلة التشبع. أظهر لهم أن وجودك سيساعدهم على توسيع حصتهم السوقية.

نصيحة وديةبالنسبة للنساء المسافرات إلى الدول العربية، يُنصح بارتداء غطاء للرأس. فهو لا يحمي من الرمال والغبار فحسب، بل يُظهر أيضًا احترامًا للثقافة المحلية.

قصة سوريا (الجزء الثاني) - أخوةٌ صُنعت في نيران الحرب

arArabic
انتقل إلى الأعلى